الأمم المتحدة تصدر تحذيرا نهائيا بشأن المناخ وخطة عمل

موقع المناخ

Updated on:

الأمم المتحدة تصدر تحذيرا نهائيا بشأن المناخ وخطة

برهان هلّاك
نهى سعداوي
المصدر: The New Yorker – بتصرف | الكاتبة: إليزابيث كولبرت | تاريخ النشر: 20 آذار/مارس 2023

في تقريرها الصادر بتاريخ 20 آذار/مارس 2023، حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC ) من سرعة  انحسار فرص تأمين مستقبل مستدام وصالح للعيش. ويمكن تلخيص النتائج الواردة في الوثيقة المعروفة رسميًا بالتقرير التجميعي لتقرير التقييم السادس ‎(AR6)‏ في التحذير التالي: “استيقظي أيتها الإنسانية! هذه فرصتك الأخيرة!”

تحذير من نقطة اللّاعودة

متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفع  فعليا بمقدار 1.1 درجة مئوية (أي ما يعادل درجتين فهرنهايت) عن أواخر القرن 19، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) . وهذا يخلّف آثارا سلبية واسعة النطاق على البشر والكائنات الحية الأخرى. ويذكر التقرير أن “الآثار على بعض النظم البيئية تقترب من الحد الذي يستحيل معه عكسها (نقطة اللّاعودة)”؛ ستتضاعف إمكانية حصول الكارثة وستتقلّص خيارات التكيف مع كل ارتفاع إضافي في معدّلات الاحترار. وستأخذ الكوارث سواء المتعلقة بالمناخ أو غير المرتبطة به في التفاعل في ما بينها، مما سيخلق مخاطر متعاقبة  عبر القطاعات والمناطق. وأمّا أولئك الذين لم يفعلوا كثيرا يُذكر في اتجاه مفاقمة المشكل فهم من يُحْتَمَلُ أن يعانوا أكثر من غيرهم.

التأثيرات على بعض النظم البيئية تقترب من الحد الذي يستحيل معه عكسها (نقطة اللّاعودة)

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة فيديو بهذه المناسبة [نشْر أحدث تقرير لخبراء المناخ الذين جمعتهم الأمم المتحدة] إن “البشرية على طبقة رقيقة من الجليد وهذا الجليد يذوب بسرعة”. وكما يوحي اسم التقرير التجميعي، فإن هذا التقرير الأحدث الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ  (IPCC) لا يتضمن بيانات جديدة، بل يجمّع معلومات سبق نشرها فحسب. ومع ذلك، فقد نجح التجميع في دقّ ناقوس الخطر بطرق جديدة. يقع حاليا ضرر كبير في ظل ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية، ما يرجّح أنّ أضرار مزيد التغير المناخي أفدح ممّا كان متوقعا. في الآن ذاته، تكاد تنعدم فرص تجنب ارتفاع الحرارة بـ 1.5 درجة مئوية، والتي تعد عتبة رئيسية في تقدير كثير من العلماء. ووفق ما جاء في التقرير، يرجّح أن يبلغ الاحترار 1.5 درجة مئوية حتى في ظل أكثر السيناريوهات تفاؤلا، مع الانخفاض السريع والدراماتيكي لانبعاثات الغازات الدفيئة عالميا.

تقارير الهيئة خاضعة لقيود السياسة

تعمل الهيئة تحت ضغوط سياسية هائلة. ورغم أنّ عملها يعدّ علميا إلى حد كبير، تخضع تقاريرها لموافقة طاقم عالمي من الدبلوماسيين. في ثالث أسابيع مارس 2023، اجتمع مندوبون من جميع أنحاء العالم في إنترلاكن بسويسرا لبحث تفصيلات الصياغة النهائية للتقرير التجميعي. ومن اللافت تواصل تأجيل الموعد النهائي لتقديم الوثيقة النهائية. هذا وتشير التقارير الإخبارية إلى أن إحدى أهم النقاط الشائكة كانت كيفية تحديد الدول المؤهلة للحصول على مساعدات من صندوق جديد “للخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي” اتُّفق على إنشائه العام الماضي خلال الدورة 27 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) المنعقد بمصر.(من المفترض أن يقوم الصندوق بضخ الأموال من الدول الغنية ذات منسوب الانبعاثات الأعلى إلى الدول الأفقر التي تتحمل العبء الأكبر من تبعات التغيّر المناخيّ).

بصدور التقرير موضع الاتفاق، وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بالمرعب والملهم كذلك. هو وفق غوتيريش “دليل إرشادي لنزع فتيل القنبلة المناخية الموقوتة”، فيما وصفه الخبير الاقتصادي الكوري الجنوبي، هوسونغ لي (Hoesung Lee) للصحفيين قائلا: “هذا التقرير يبعث على الأمل”.

مازال الأمل قائما

يوضّح التقرير التجميعي أن البشرية مازالت قادرة على تفادي أسوأ آثار التغير المناخيّ؛ فإذا ما خُفّضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى النصف بحلول عام 2030، وتمّ القضاء عليها فعليًا بحلول عام 2050، فستظل فرصة إيقاف الاحترار عند حدّ 1.5 درجة مئوية قائمة وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).

وجاء في التقرير “يعدّ التغيير المنهجي المطلوب لتحقيق تقلّص سريع عميق للانبعاثات وتكيّف تحوّلي مع تغيّر المناخ غير مسبوق من حيث الحجم، ولكنه ليس كذلك بالضرورة من حيث السرعة. وتتوفر بالفعل خيارات مجدية وفعالة ومنخفضة التكلفة تهدف إلى تخفيف الآثار والتكيّف.”

في هذه المرحلة، مجرّد تخيل أن التحذير الأخير الصادر عن الهيئة  (IPCC) سيدفع إلى التحرّك لا يحتاج الأمل وحسب، بل سيبدو أقرب للتوهّم، في ظل فشل العديد من التحذيرات السابقة  في الدفع نحو ذلك.(يُعرف التقرير الأخير باسم التقرير التجميعي لتقرير التقييم السادس (AR6) لأنه جزء من التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC). وقد أنتج هذا التقييم والتقييمات الخمسة التي سبقته مئات الصفحات من جهود التوثيق).

ولكن…

أقرت إدارة الرئيس بايدن مطلع مارس 2023 مشروعا جديدا ضخما للتنقيب عن النفط، وهو مشروع ويلو (the Willow project) في ولاية آلاسكا. وتنوي شركة كونوكو فيليبس (ConocoPhillips) المالكة للمشروع مواصلة ضخ النفط لثلاثين عاما، أي حتى ما بعد منتصف القرن الحالي. وذكر تقرير أصدره مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (Centre for Research on Energy and Clean Air) في فنلندا ومنظمة غلوبال إنيرجي مونيتور (Global Energy Monitor) في كاليفورنيا أن الصين وافقت العام الماضي على بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم بسعة 106 جيجاوات، أي “ما يعادل بناء محطتي طاقة كبيرتين تعملان بالفحم كل أسبوع”.


هل يمكن تجاوز آثار مثل هذه الإجراءات بخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 والقضاء عليها فعليًا بحلول عام 2050؟ الإجابة ببساطة: لا. تستعد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لدورة تقييم سابعة من المقرر أن تنطلق هذا الصيف. ويمكن إعداد ملخص للنتائج بـ”ثقة عالية” -والعبارة للهيئة نفسها- وذلك قبل حتّى انطلاق هذه الدورة القادمة. فالاحترار سيتواصل في العالم، والضرر سيزداد، وسوف تكون الاستجابة العالمية قاصرة.