ترجمة: أميمة حسّاني
تحرير وتدقيق: مالك زغدودي
المصدر: The Guardian | داميان كارينجتون | تاريخ النشر: 6 سبتمبر 2023
عندما حطّمت أشهر جوان/يونيو، جويلية/يوليو وأوت/أغسطس 2023 كل الأرقام القياسية لأعلى درجات الحرارة المسجلة لهذه الأشهر، يصبح من غير الضروري أن تكون عالم مناخ لتستنتج أن صيف 2023 الأسخن على الإطلاق، هذا بالضبط ما أعلنه العلماء من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ الأوروبية يوم الأربعاء 6 سبتمبر.
تغير المناخ، الذي تعود أسبابه أساسا إلى استخراج وحرق الوقود الأحفوري، يتسبب الآن في ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
في هذا الصدد، أفادت خدمة كوبرنيكوس (خدمة أوروبية تتعلق بالمناخ) بأن الصيف المناخي لهذه السنة كان الأحرّ على الاطلاق “بفارق كبير”. “إن الانهيار المناخي قد بدأ” كانت هذه كلمات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في التصريح الذي قدمه يوم الأربعاء الفارط. أضاف غوتيريش أيضا في نفس التصريح ” مناخنا ينهار بوتيرة أسرع من قدرتنا على المواجهة فيما تضرب الظواهر المتطرّفة للطقس كل ركن من أركان كوكب الأرض. درجات الحرارة المتصاعدة تقتضي اتخاذ المزيد من التدابير. مازال بإمكاننا تجنب الأسوأ في هذه الفوضى المناخية، وليس لدينا لحظة نضيعها”.
“مناخنا ينهار بوتيرة أسرع من قدرتنا على المواجهة فيما تضرب الظواهر المتطرّفة للطقس كل ركن من أركان الكوكب”
— أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.
تسببت أزمة المناخ وعودة ظاهرة “النينيو-التردّد الجنوبي” في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة حدّة الطقس حول العالم. حيث سجل صيف 2023 أعلى درجات الحرارة على الاطلاق.
شهدت الأشهر الثلاثة، من بداية جوان/يونيو الى نهاية أوت/أغسطس، والتي تتوافق مع فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، أعلى متوسط لدرجات الحرارة العالمية حيث بلغ 16.77 درجة مئوية. ومثل ذلك زيادة ب 0.66 درجة مئوية عن متوسط الفترة المسجل بين 1991-2020، كما أنه ارتفع بنحو 0,29 عن المستوى القياسي السابق المسجل في عام 2019، وهو ما يمثل تحولا كبيرا من الناحية المناخية.
دمرت موجات الحرارة، الحرائق والفيضانات، حياة الناس وسبل عيشهم في كافة أنحاء العالم، من أمريكا الشمالية والجنوبية، الى أوروبا، الهند، اليابان والصين… في هذا الصدد، أفاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بأن ” كوكبنا عانى للتو موسما من الغليان، إنه أحر صيف تم تسجيله على الإطلاق. الانهيار المناخي قد بدأ بالفعل.” كما أضاف ” حذّرَنا العلماء منذ فترة طويلة من عواقب اعتمادنا على الوقود الأحفوري. مناخنا ينهار بوتيرة أسرع من قدرتنا على المواجهة، فيما تضرب الظواهر المتطرّفة للطقس كل ركن من أركان الكوكب”.
“كوكبنا عانى للتو موسما من الغليان، إنه أحر صيف تم تسجيله على الإطلاق. الانهيار المناخي قد بدأ بالفعل… حذَّرَنا العلماء منذ فترة طويلة من عواقب اعتمادنا على الوقود الأحفوري. مناخنا ينهار بوتيرة أسرع من قدرتنا على المواجهة”
— أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة.
صيف 2023 الأسخن على الإطلاق بحرا وبرا
شهدت المحيطات ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة خلال الأشهر الأخيرة. حيث أظهرت بيانات مرصد “كوبرنيكوس” أنه خلال كل أيام شهر أوت/أغسطس، تجاوز المتوسط العالمي لدرجات حرارة سطح البحر اليومية الرقم القياسي السابق الذي سُجل في مارس 2016، وهي سنة قد شهدت أيضا ظاهرة النينيو. سجلت حرارة سطح البحر في شمال المحيط الأطلسي، أيضا، رقما قياسيا بلغ 25.19 درجة مئوية في 31 أوت/أغسطس 2023. كما سجل الجليد البحري في القطب المتجمد الجنوبي “أنتاركتيكا” أدنى مستوياته بالنسبة لهذه الفترة من السنة.
صرحت سامانثا بورغس عن مرصد كوبرنيكوس: “يتواصل تجاوز الأرقام القياسية العالمية لدرجات الحرارة خلال 2023، فمع تسجيل أحرّ شهر أوت/أغسطس الذي تبع تسجيل أعلى مستويات درجة الحرارة في جوان/يونيو وجويلية/يوليو، نكون قد عشنا أحر صيف شمالي في سجل بياناتنا منذ سنة 1940”. هذه النتائج مبنية على تحليل الحاسوب لمليارات من البيانات والقياسات المتأتية من الأقمار الصناعية، السفن، الطائرات ومحطات الرصد الجوي حول العالم.
أكدت أيضا دكتورة علم المناخ فريدريك أوتو (Friederike Otto) بكلية لندن الإمبراطورية (Imperial College London)، على أن”تجاوز الأرقام القياسية لدرجات الحرارة أصبح القاعدة لسنة 2023. فالاحتباس الحراري يتواصل لأننا لم نستطع التوقف عن حرق الوقود الأحفوري… الأمر بهذه البساطة”.
كما أضافت” أظهرت الدراسات التي قامت بها مبادرة إسناد المناخ العالمي (World Weather Attribution) أن تغير المناخ قد تسبب، بطريقة دراماتيكية، في تفاقم بعض أكثر كوارث الطقس فداحة خلال صيف 2023. فموجات الحرّ والجفاف والرياح التي غذّت حرائق الغابات في مقاطعة كيبك الكندية قد ضاعف التغيّر المناخي من حدّتها. وكذلك أصبحت موجات الحرارة المتطرفة التي أثّرت على أوروبا وأمريكا الشمالية أقوى ب 2.0-2.5 درجة مئوية بسبب التغير المناخي”.
تجاوز الأرقام القياسية لدرجات الحرارة أصبح القاعدة لسنة 2023. يتواصل الاحتباس الحراري لأننا لم نستطع التوقف عن حرق الوقود الأحفوري.
— دكتورة علم المناخ فريدريك أوتو.
الأزمة المناخية التي تسبب فيها الإنسان، هي بلا شك السبب وراء موجات الحرّ المميتة التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة خلال شهر جوان/يونيو، حيث وجد العلماء أن كلاهما كانا تقريبا مستحيلين لولا الاحترار العالمي الناجم عن حرق الوقود الأحفوري.
في شهر أوت/أغسطس، أجرت صحيفة الجارديان (The Guardian) مقابلات مع 45 من أبرز علماء المناخ في العالم، حيث أكّدوا على أن الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة التي شهدها كوكب الأرض سنة 2023، كان متماشيا تماما مع توقعاتهم طيلة العقود الماضية. لكنهم أشاروا الى أن التأثيرات كان أشدّ قسوة من المتوقّع نظرا للهشاشة غير المرتقبة للمجتمعات، مما يجعل الجهود المبذولة لحماية الناس أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
اتفاقية باريس حبر على ورق
إن العالم متخلف بدرجة كبيرة عن تحقيق هدف اتفاقية باريس الداعية إلى الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة العالم دون 1.5 درجة مئوية، بل إننا في طريقنا نحو بلوغ ارتفاع حراري يقدر ب 2.5 درجة مئوية، وسيكون لهذا آثار مدمرة نظرا لزيادة الظواهر المتطرفة التي شهدها العالم بالفعل مع ارتفاع درجة الحرارة ب 1.2 درجة مئوية فقط حتى الآن، وآخر هذه الظواهر المناخية المتطرفة عاصفة دانيال التي خلفت خسائر كارثية شرق ليبيا.
أشار تقرير أعده بعض علماء المناخ البارزين في شهر مارس، وأيّدته حكومات العالم إلى أن: “فرص تأمين مستقبل صالح للحياة ومُستدام للجميع تتضاءل بسرعة.”
صرّح البروفيسور مارك ماسلين (Prof Mark Maslin)، من كلية لندن الجامعية (University College London) بأن: “2023 هي السنة التي لم يتمّ فيها تجاوز الأرقام القياسية المناخية فقط، بل تم تحطيمها بشكل كبير، حيث أصبحت ظواهر الطقس المتطرفة شائعة الآن وهي تزداد سوءًا كل سنة. إنها دعوة للقادة الدوليين للاستيقاظ والحدّ بسرعة من انبعاث ثانى أكسيد الكربون. فلنأمل أن تصل هذه الرسالة إلى مؤتمر الأطراف 28 (COP 28)، الذي سيعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر ديسمبر، وأن يتم اتخاذ إجراءات فعلية.” كما أفاد غوتيريش: “ما زال بإمكاننا تجنب أسوأ ما في الفوضى المناخية، وليس لدينا لحظة نضيعها.”
شاركنا رأيك، هل كان صيف 2023 الأسخن على الإطلاق في منطقتك؟ وكيف تتعايشون مع التغيرات المناخية وآثارها؟